اهمية نبات البردي في الماضي والحاضر .. لقد إستخدم القدماء المصريون في السابق نبات البردي بصورة واسعة جدا في النواحي الشخصية والإقتصادية والتعليمية ، وكان لهم في ذلك سبق وعبقرية ، وحتى وقت قريب مازال إستخدامه يعد أمر مهم من الناحية الإقتصادية فهناك بلد في مصر تعتمد عليه بشكل أوّلي كمصدر دخل وظهر حديث أهمية شديدة له في تنظيف المياه .
نبات البردي هو من الفصيلة السعدية و التي تحتاج لمياه وشمس مباشرة لذا نجد إنتشار تواجده في المناطق الإستوائية في المستنقعات على جوانب البحيرات في جميع بلاد أفريقيا ومدغشقر والبحر المتوسط وبلاد الشام ، فهو نبات مائي قوي وطويل ، و قد يصل طوله عندما ينمو إلى 4-5 أمتار ، وتتجمع سيقانه الثلاثية ذات اللون الأخضر و التي تخرج وتكبر من الجذور الخشبية العريضة حيث يكون فوق الجذع مجموعة من الخيوط الكثيرة الهشة ذات لون زاهي التي تشبه السيقان ، ويتراوح طولها 10 إلى 30 سم تقريبا وتشبه هوّاية الريش عندما يكون النبات صغيرًا. وأيضا أن تلك السيقان يزداد حجم قامتها بعد ذلك وتميل بصورة جميلة نحو الأسفل بحيث تكون دائرية الشكل .
ظهرت عبقرية المصري القديم في إستخدام هذا النبات في أمور عظيمة أولها صناعة ورق البردي ذو المتانة والسهولة وخفة الوزن الذي أتاح التعليم وإنتشاره لكافة ربوع العالم ومصدر إقتصادي كبير ، ثم إكتشف خفيته وطفوه فصنع منه المراكب ، وإكتشف متانته فصنع منه الحبال موجودة (المتحف المصري) وصنع منه الحصير للجلوس عليه وصنع منه النعال ، كما إستخدم في بناء الأكواخ قديما قبل تطور عملية البناء وكذلك في تغليف جثث الموتى .
ساعد في كل ذلك سهولة زراعته وسهولة نشره في أنحاء القطر ، وسهولة تصنيع الورق ورخص تكاليفه فتم إستخدامه في التعليم و التجارة وفي شئون الحكم وفي القضاء وكافة إستخدامات الدولة المصرية القديمة ليصبح سلعة رئيسية لا يمكن الإستغناء عنها وسمة مميزة .
وفي محافظة الشرقية قرية (قراموس) قام أحد الأشخاص بسحب بضع من هذا النبات وزراعته في أرضه ثم بيعه للبازارات والسياح فإتجهت القرية بكاملها لزراعة هذا النبات وقامت بعملية التصنيع وتطويره حتى أصبح مثلما كان يصنعه القدماء المصريون وأصبح مصدر دخل للقرية وحدها وقت السياحة كانت مزدهره بمصر و أصبح يعاني أهل القرية بعدما إنخفضت مبيعاته بعد ضعف السياحة في مصر .
وحديثا بالتعاون بين علماء مصر وبريطانيا تم إكتشاف قيام نبات البردي بتنقية المياه ووجود علاقة بين المياه الملوثة ونبات البردي لأنه يمتلك قدرات خاصة على إزالة معظم أنواع الملوثات خفض أعداد البكتيريا الموجودة بها، فتزيد النسبة المتوفرة من الأكسجين في الماء وتحول المياه الملوثة بالمواد السامة إلى مياه خالية من السموم، أي، يمتلك البردي الإمكانيات الطبيعية التي خلقها الله على تحويل مواد ضارة كثيرة إلى مواد نافعة ، ، إنها عملية تدوير شديدة العظمة فلابد لنا احترامها و الانحناء أمام عظمتها.
وفي النهاية نجد الله سبحانه وتعالى خلق كل شيء بقدر وحكمة قد نجهلها ونجهل فوائدها ولكنها مؤكدا تظهر بسواعد عباقرة من المخلصين وأهل العلم في التيسير في حياتنا والنهوض ببلادنا والحفاظ عليها ، وشكرا للمصري القديم الذي قام ببناء العظمة دون اي تكنولوجيا أو مساعدات لكن بعقله الحكيم الواعي .
